كشف تقرير جديد أن شركة "ميتا" تعمل حالياً على تطوير عملة رقمية جديدة، يطلق عليها موظفوها داخلياً اسم "Zuck Bucks"، وذلك في محاولة جديدة من جانب الشركة لدخول عالم العملات المشفرة.

وأوضح تقرير، نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، أن شركة فيسبوك الأم تسعى نحو تنويع مصادر أرباحها، بعد البطء الشديد الذي يشهده قطاعها الإعلاني، والذي يحقق سنوياً قرابة 120 مليار دولار، حيث يتوقع مارك زوكربرج، مدير "ميتا" ومؤسسها، وصول خسائر القطاع إلى 10 مليارات دولار خلال العام الجاري، بسبب التحديثات التي أجرتها أبل على طريقة تعامل التطبيقات مع بيانات مستخدمي آيفون.

وأشارت مصادر من داخل "ميتا" إلى أن العملة المشفرة الجديدة تستهدف أن تكون أداة رسمية للدفع مقابل الخدمات والمنتجات الافتراضية داخل العالم الرقمي القادم "ميتافيرس".

يُذكر أن "ميتا" وأدت فكرة عملتها المشفرة الماضية "Diem"، والتي كانت تحمل مسبقا اسم "ليبرا"، وذلك بعد تضييقات واعتراضات واسعة من جانب البرلمانات والعديد من الحكومات حول العالم، ما تسبب في رحيل مدير تطوير "دايم"، ديفيد ماركوس، بنهاية العام الماضي، وإيقاف تطوير العملة الرقمية للأبد.

أسلوب جديد

وبحسب تقرير فاينانشيال تايمز، لن تعتمد عملة "ميتا" القادمة على تقنية سلاسل الكتل Blockchains، كغيرها من العملات المشفرة مثل البيتكوين، وإنما ستتخذ أساليب جديدة في عملها، من بينها تطبيق فكرة كونها عملة رقمية كتلك التي يتم استخدامها داخل ألعاب الموبايل لشراء العناصر الافتراضية، لتطوير تجربة اللاعب وترقية أداء شخصيته الرقمية.

كما توضح ملاحظات مديري وموظفي الشركة أن من بين استراتيجيات تقديم عملة مشفرة جديدة استخدام فكرة "العملات الاجتماعية Social Tokens" والتي يحصل عليها المستخدم مقابل مشاركته بشكل فعال داخل مجموعات فيسبوك.

ومن الأساليب الجديدة أيضاً التي تجربها "ميتا" استخدام العملة الرقمية كوسيلة لدعم صناع المحتوى على شبكتها الاجتماعية للصور إنستجرام، في صورة "عملات صانع المحتوى Creator Coins".

وقد يكون الاتجاه الأكثر إثارة للدهشة هو اختبار "ميتا" الدخول إلى سوق القروض الإلكترونية ذات الفوائد الصغيرة المغرية، حيث تدرس الشركة التعاون مع أكثر من شركة متخصصة في مجال منح القروض للشركات الناشئة.

وتتوافق الأساليب الواردة من مصادر داخل "ميتا" في تقرير "فاينانشيال تايمز" مع تصريحات رئيس قطاع الخدمات المالية بـ"ميتا"، ستيفاني كاسريل، مطلع يناير الماضي، والتي أشار خلالها إلى أن الشركة تسعى نحو تغيير استراتيجيتها لتطبيق تقنيات العملات المشفرة داخل منتجاتها وتطبيقاتها، بحيث تكون أولوياتها تركز على تحديد طريقة التعامل المالي داخل "الميتافيرس".

كما أوضح "كاسريل" أن خطط الشركة من الممكن أن تتضمن استخدام العملات الرقمية في تشجيع عمليات الدفع وتحويل الأموال داخل واتساب وماسنجر، إلى جانب استخدامها لدعم صناع المحتوى على إنستجرام.

وعرض المدير الجديد لقطاع الخدمات المالية داخل "ميتا" رؤيته الخاصة بإمكانية دمج خدمة فيسبوك للدفع Facebook Pay مع محفظة "ميتا" لتخزين العملات الرقمية "نوفي Novi"، بحيث يمكن للمستخدمين تسهيل شراء واستخدام العملات المشفرة داخل خدمات الشركات المختلفة من تطبيقات، وكذلك خدماتها الافتراضية في الميتافيرس، مثل عالم Horizon Worlds، ومختلف التطبيقات التي تعمل على نظاراتها الذكية Meta Quest.

سوق الـ NFT

وتعتبر خطوات "ميتا" نحو سوق القطع المشفرة غير القابلة للاستبدال NFT أكثر تطوراً واقتراباً من الخروج لأرض الواقع من جهودها في العملات المشفرة، حيث أكد زوكربرج في منتصف مارس الماضي، أن منصة إنستجرام الاجتماعية تعمل حالياً على دراسة كيفية تقديم خدمة استعراض المستخدمين للقطع الرقمية غير القابلة للاستبدال بتقنية "NFT" المشفرة على حساباتهم لدى الخدمة.

وأشار مؤسس "ميتا"، خلال مشاركته في مؤتمر SXSW 2022، إلى أن إنستجرام ستكشف خلال الأشهر القليلة المقبلة عن العديد من المزايا الجديدة التي تسمح بدمج الـNFT في المنصة.

ويأتي ذلك تأكيداً لاهتمام الإدارة العليا للشركة الأم لـ"إنستجرام" بالتقنية الثورية الجديدة، بعد أن أكد مديرها آدم موسيري، العام الماضي، أن منصته الاجتماعية تحاول استخدام تقنية الـNFT لتقديم تجارب أوسع للمستخدمين وصنّاع المحتوى.

وبحسب "فاينانشيال تايمز" تستعد "ميتا" لإطلاق تجربة جديدة على فيسبوك تسمح بنشر ومشاركة قطع NFT عبر الحسابات الشخصية للمستخدمين بحلول منتصف مايو المقبل، بالإضافة إلى اختبار ميزة جديدة خاصة بإنشاء مجموعات على فيسبوك تعتمد عضويتها على امتلاك قطع مشفرة NFT.

عودة جديدة

إذا اكتملت جهود "ميتا" في طريق دخول سوق العملات الرقمية، لن تكون تلك محاولتها الأولى التي تنفذ على أرض الواقع، ففي 2009 كانت الشبكة الاجتماعية لديها عملة تسمى Faceook Credits، والتي كانت تسمح للمستخدمين في ذلك الوقت باستخدامها داخل الألعاب والتطبيقات المتاحة مباشرة على متن الشبكة الاجتماعية، مثل لعبة FarmVille، لشراء عناصر افتراضية داخل الألعاب.

وكانت تلك العملة تمثل 16% من إجمالي أرباح الشركة في 2012، لكن تم إيقاف التعامل بها في 2013، لارتفاع تكلفة إدارتها.

اللامركزية

وبحسب إحدى المستندات الداخلية، كذلك تنظر "ميتا" في طريقة استخدام فكرة اللامركزية Decentralization، والمعتمدة على استخدام تقنية سلاسل الكتل Blockchains بحيث يتم التأكد من تخزين البيانات بشكل موزع، ولا تكون السيطرة عليه لطرف واحد فقط في تخزين بيانات المستخدمين، وبالتالي تصبح لهم سيطرة وتحكم أكبر في بياناتهم.

كما تشير المستندات إلى أن "ميتا" تفكر في كيفية تسهيل تنقل المستخدمين بهوياتهم الرقمية بين مختلف التطبيقات، والأمر لن يكون مقصوراً فقط على التطبيقات المملوكة لـ"ميتا".

وقد يعد التطبيق الثالث لفكرة "اللامركزية" الذي تدرسه "ميتا" هو الأكثر إبهاراً، إذ يركز على استخدام الشركة للعملات الرقمية لمكافأة صناع المحتوى مقابل إنشائهم ونشرهم محتوى أصلي ومميز ذي جودة عالية، بحيث تنأى الشركة بنفسها عن فكرة الرقابة على المحتوى المنشور على منصاتها الاجتماعية، ويكون قرار حذف المحتوى في أيدي المستخدمين أنفسهم.